الحول السمعي.. للكاتبه شعاع عبدالله الغشام

داء عضال تفشي بمجتمعات كثيرة.. يصاب فيه كلا الجنسين على حد سواء.. لكن تميل كفة الإصابة عند النساء أكثر.. الحول السمعي مرض يظهر على شكل نوبات.. وتظهر نوباته عادة في التجمعات التي تكثر فيها السوالف و(الحش).. فيكون المريض في هذه النوبة هادئاً ويحرص على الصمت.. (الصمت المطبق) الذي لا يخلو من بعض الابتسامات الصفراء يوزعها على الحضور ليطمئنهم من صمته وليثبت لهم أنه (ولي حميم).. تجد على المريض علامات خاصة.. يفتح عينيه إلى أكبر زاوية يمكن لجفنيه تحملها.. حتى تكون (مبققة).. أما الآذان فإنها تحاول السماع بكل ما أوتيت من قوة.. ولا تكاد تترك كلمة شاردة أو واردة أو تافهة إلا و(تلتقطها) ولا مفر.. ولابد من ملاحظة أن الفم يبقى مفتوحاً طوال الجلسة -مفتوح هكذا من دون كلام-.. حتى إنه يمكنك أن تنظر (للوزتيه) الموقرتين وهما تستنجدان ليغلق فمه إثر رياح السموم التي بدأت تعصف فيه.. ولكن لا حياة لمن تنادي!!.. والسر في هذا الفم المفتوح بدون كلام يكمن في عمله المختلف هنا.. فهو يعمل كبديل احتياطي عن عمل الأذنين لئلا تنحشر كمية الكلمات الضخمة فيها فيفوته (حرف) أو (كلمة) أو (همزة) أو (نقطة) من الحديث -وهذا ما لا يرضاه له بالطبع- فلعلها تتسرب عبر فتحة فمه!.

وما أن تعقد الجلسة وينتهي الحديث حتى يسرع صاحبنا في غضون أجزاء من الثانية بإغلاق (فمه) و(أذنيه) و(عينيه) و(فتحتي أنفه) إغلاقاً محكماً.. لأنه يخشى تسرب شيء من مخزون الكلمات لديه من خلال إحدى هذه الفتحات.

وبعدها يبدأ عقله (أوتوماتيكياً) بفرز هذا الكم الهائل من الكلمات فيرمي منها كل ماهو جميل وسمين.. ويحتفظ بكل ما هو ردئ وغث.. ليستفيد بنقلها لأطراف آخرين.. بقصد الإفساد بالطبع.. وياليت هذا المريض يكتفي بالنقل فقط.. ليصبح (نماماً) كالذباب الذي ينقل الجراثيم بين الناس.. بل إنه قبل نقله -وهذه هي المرحلة الرئيسية من المرض- يأخذ كل الكلمات الغثة القليلة التي سمعها -وقد تكون نادرة- (ليطبخها) بطريقته الخاصة.. وهي طريقة تعتمد أولاً وأخيراً على (البهارات القوية).. التي هددت بجودتها سمعة (الكاري الهندي الأصل).. وهكذا فهو (يحكر طبخته) حتى تبدو طبقاً جديداً لا تعرفه.. وبعد هذه المرحلة فقط يبدأ صاحبنا بنقل الكلام للآخرين.. وللأسف يلقي البعض له بالاً.. ويهبه أذناً صاغية.. ومنهم من تجده عاقلاً.. يتبع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.. لكن الأدهى من ذلك كله إذا وصلك كلام عنك من ذات الشخص.. فتتفاجأ بكلام منسوب إليك لم تقله ولم يخرج من فمك.. وحتى لم تفكر فيه أيضاً.. (هذا لو فرضنا جدلاً أن قدراته الخارقة جعلته يعرف بما تفكر فيه).. تستغرب ما الذي يدفع صاحبك لهذا الأمر!.. وفي هذه الحالة لا تملك سوى تفسيرين اثنين.. الأول: أن هذا الشخص يريد تشويه سمعتك والتفريق بينك وبين أناس آخرين.. أو نيل مكانة مقربة من أحد معين لأنه يعمل لديه (كأمين سر).. فاضطر لهذا الأسلوب.. أما التفسير الآخر: فهو من باب التماس العذر لصاحبنا هذا، ولا سبيل لنا إلا أن نعذره من باب تقديم حسن النية.. إذاً فنستطيع القول إن صاحبنا هذا لديه مشكلة (عويصة) في سمعة وإدراكه.. مما أدى إلى سماعه الكلام بالمقلوب و(على هواه).. فهو يسمع شيئاً آخر لا يسمعه أصحاء السمع.. ويدرك شئياً آخر لا يدركه العقلاء.. يسمع ويدرك فقط ما يريد أن يسمعه ويدركه.. وهذا ما أمسيه هنا بمرض (الحول السمعي).. عافانا الله وإياكم..

** اللهم متعنا بأسمعانا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أحييتنا واجعلها الوارث منا يا حي يا قيوم..

طالبة دراسات عليا - جامعة القصيم

نقلا من جريدة الجزيره يوم الجمعة 30 ذو القعدة 1429 العدد 13210

ماشاء الله على شعااااع

والله انا اتسااائل من تقصد بذا الكلااام لا يكووون انا >بديت اشك انا

لا يكووون شااايفه لوزي وانا مدري من التحمس >>

امزح تراى انا مو كذا خخخ

يسلمووو يالكاااتبه المبدعه ما شاء الله